شهدت السوق الصينية تطورًا لافتًا خلال شهر أبريل 2025، مع هبوط أسعار سيارات بي إم دبليو 5 سيريز إلى مستويات غير مسبوقة، لتبدأ من أقل من 290,000 يوان صيني (148,834 ريال سعودي). هذا التراجع الكبير، الذي تزامن مع عروض ضخمة من علامات عالمية ومحلية، يأتي وسط تصاعد المنافسة في أكبر سوق للسيارات في العالم. وبينما اشتعلت المنافسة في الصين، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن أن نشهد السيناريو نفسه في أسواق الخليج، التي لطالما تميزت باستقرار نسبي في أسعار السيارات الفاخرة؟
أسعار السيارات تتراجع في الصين والمنافسة تبلغ ذروتها
في زيارة ميدانية لعدد من صالات عرض بي إم دبليو في بكين، أكد موظفو المبيعات أن سعر سيارة بي إم دبليو 525Li إم سبورت انخفض إلى نحو 293,000 يوان فقط (150,374 ريال سعودي)، بعد أن كان سعرها الرسمي يبلغ 439,900 يوان (225,766 ريال سعودي). هذا السعر لا يزال قابلًا للمزيد من التفاوض، خاصة عند الشراء عبر التمويل البنكي أو من خلال برامج التمويل الخاصة ببي إم دبليو. التخفيض يتجاوز 146,000 يوان (74,930 ريال سعودي)، ما يعكس شدة المنافسة في السوق الصيني.
لكن بي إم دبليو ليست الوحيدة في هذا الاتجاه. فقد بادرت علامات مثل فورد إلى إطلاق سياسة "السعر الموحد" على طرازاتها الهجينة مثل فورد تيريتوري وفورد ايدج، بأسعار تبدأ من 142,800 يوان وتصل إلى 169,800 يوان (73,288 إلى 87,145 ريال سعودي)، مع خصومات تصل حتى 37,000 يوان (18,989 ريال سعودي). كما قدمت إم جي سيارتها إم جي 7 بسعر يبدأ من 109,900 يوان (56,403 ريال سعودي)، مع حوافز إضافية تشمل دعم استبدال السيارات يصل إلى 8,000 يوان (4,105 ريال سعودي)، لتكون أول سيارة سيدان من الفئة B تُطرح بسعر دون 110,000 يوان (56,454 ريال سعودي).
واستمر الزخم مع شركات مثل تسلا التي أطلقت عروض تمويل بلا فوائد على طرازات تسلا موديل Y وتسلا موديل 3 لمدة ثلاث أو خمس سنوات، وكذلك شاومي التي مددت عروضها على شاومي SU7 ألترا حتى نهاية أبريل، متضمنة 15 قطعة من ألياف الكربون، بالإضافة إلى صيانة مجانية لمدة خمس سنوات.
لماذا تختلف الصورة في الخليج؟
في أسواق الخليج، لا تزال أسعار بي إم دبليو 5 سيريز تحافظ على مستوياتها التقليدية، حيث يبدأ السعر من نحو 291,289 ريال سعودي ويصل إلى أكثر من 357,723 ريال، بحسب الفئة والتجهيزات. هذا الفارق السعري الكبير بين الخليج والصين لا يعود فقط إلى اختلاف الضرائب أو تكاليف الشحن، بل يعكس واقعًا سوقيًا مختلفًا، يتسم بثبات أكبر وتنافسية أقل.
السوق الخليجية، خصوصًا في الإمارات والسعودية، لم تصل بعد إلى مرحلة التشبع التي تعاني منها السوق الصينية، كما أن دخول العلامات الصينية القوية لا يزال في مراحله الأولية. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال الولاء للعلامات الألمانية مثل بي إم دبليو قويًا في المنطقة، حيث تُعد هذه العلامة رمزًا للفخامة والمكانة الاجتماعية، مما يساعد في الحفاظ على استقرار الطلب ويقلل من حاجة الوكلاء لتقديم خصومات كبيرة.
مع ذلك، لا يمكن استبعاد حدوث تغييرات في المستقبل. فمع دخول علامات صينية مثل شاومي وبي واي دي إلى أسواق الخليج بأسعار منافسة وتجهيزات متقدمة، قد تضطر العلامات الأوروبية واليابانية إلى إعادة النظر في استراتيجيات التسعير خلال السنوات القليلة المقبلة، خاصة مع تزايد الوعي لدى المستهلك الخليجي بأهمية القيمة مقابل السعر، والاتجاه المتسارع نحو السيارات الكهربائية.
هل تُشعل العلامات الصينية المنافسة في الخليج؟
رغم الفجوة الحالية في الأسعار، لا تبدو أسواق الخليج بمنأى عن التغييرات المحتملة. فالعلامات الصينية مثل شاومي وبي واي دي وإم جي باتت تقدم سيارات بتصاميم جذابة وتجهيزات متقدمة وبأسعار مغرية، ما يعيد صياغة توقعات المستهلك الخليجي، ويزيد تدريجيًا من الضغط على الشركات الأوروبية واليابانية لمواكبة هذا التحول.
الزخم الذي تشهده السوق الصينية، حيث تصل الخصومات على السيارات الفاخرة إلى أكثر من 25 بالمئة، قد لا يتكرر في الخليج بالحدة نفسها، لكنه يُنذر بموجة تخفيضات تدريجية قد تطال الفئات المتوسطة والعليا، خصوصًا إذا أثبتت السيارات الصينية جدارتها في مجالات التصميم، والأداء، وخدمات ما بعد البيع.
في الوقت الراهن، تبدو أسواق الخليج أكثر تماسُكًا في مواجهة هذه المتغيرات، لكنها ليست محصّنة تمامًا. ومع تسارع دخول علامات صينية تقدم قيمة عالية مقابل السعر، قد تبدأ موجة جديدة من التوازن السعري في عامي 2025 و2026، خاصة إذا أثبتت هذه العلامات قدرتها على تقديم تجربة متكاملة تُرضي تطلعات المستهلك في الخليج.
4 ورقة

عادريان هو محرر. خريج في علم النفس بغضون أكثر من 4 سنوات في الصناعة السيارية، و 3 سنوات أمام الكاميرا. يظهر من حين لآخر في متجر الإطارات الذي يملكه عائلته. لن يشتري سياراتًا إلا تلك التي تمر اختبار الزجاجة الكبيرة.