بينما يحتفل الجيل الثامن من كورفيت بعامه السادس، تكشف جنرال موتورز عن رؤيتها لمستقبل هذه الأيقونة الأمريكية العريقة من خلال نموذج تصميم كهربائي جديد كليًا. ولا يُعد هذا النموذج مجرد تحديث بسيط، بل يشكّل نقلة ثورية في المفهوم والتصميم، والأهم أنه يأتي من دون محرك V8 الذي ارتبط باسم كورفيت لسنوات طويلة. وُلد النموذج الجديد في قلب مركز التصميم المتقدم في بريطانيا، ليفتح الباب أمام جيل جديد كليًا من كورفيت يجمع بين هوية الماضي وابتكارات المستقبل.
تصميم جريء يعيد رسم ملامح كورفيت
من مركز التصميم الأوروبي الجديد لجنرال موتورز في رويال ليمينغتون سبا بالمملكة المتحدة، وتحت إشراف المصمم المخضرم جوليان تومسون، خرج هذا النموذج التجريبي المذهل الذي يضع كورفيت على مسار تصميمي تصاعدي غير مسبوق. يستلهم التصميم طابع سيارات الهايبركار الخارقة، ويبتعد كليًا عن أي تشابه مباشر مع الطرازات الحالية أو القريبة من خطوط الإنتاج. المقدمة الحادة، والفتحات الهوائية الكبيرة على الجانبين، والانحناءات البارزة، تعكس مستوى جديدًا من الديناميكية الهوائية التي يتيحها النظام الكهربائي الكامل.
الجزء السفلي من السيارة يستند إلى أحدث تقنيات توجيه الهواء، في حين يقدّم الجزء العلوي ملامح أكثر هدوءًا تعكس طابع كورفيت الكلاسيكي. فتحات التهوية خلف العجلات، والأقواس البارزة فوق الإطارات الأمامية، تحمل إشارات واضحة إلى تصميم سيارة Mako Shark التجريبية التي ظهرت عام 1965 ومهّدت لولادة الجيل الثالث من كورفيت. أما الزجاج الأمامي بشكل الحاجب، والتفاصيل الخلفية المقسومة، فيعيدان إلى الأذهان تصميم النافذة المنفصلة الشهير الذي ميز طراز عام 1963.
أداء كهربائي يعيد تعريف السرعة
رغم أن النموذج يعتمد على بنية سيارة بمحرك وسطي، فإن التصميم مخصص بالكامل للعمل بمحرك كهربائي، وهو ما أكده نائب رئيس جنرال موتورز للتصميم مايكل سيمكو. اختيار النظام الكهربائي لا يرتبط فقط بمستقبل الطاقة، بل يمكّن المصممين من إعادة تشكيل الجسم السفلي بكفاءة أكبر، وتحسين تدفق الهواء من خلال الهيكل. ويشير الغياب الواضح للجناح الخلفي الضخم إلى أن التصميم الذكي للديناميكية الهوائية قد عوّض الحاجة إلى أي عناصر خارجية إضافية.
يُعد النموذج أول ثلاث دراسات تصميمية تعتزم جنرال موتورز تقديمها هذا العام عبر استوديوهاتها العالمية المختلفة، وقد تظهر النسخة الثالثة في مهرجان "جودوود للسرعة" المرتقب في يوليو. ومن المتوقع أن تلعب هذه النماذج دورًا حاسمًا في رسم ملامح الجيل التاسع من كورفيت، والمقرر إطلاقه في عام 2028. وتراهن جنرال موتورز على هذه التصاميم لتقديم كورفيت كرؤية رياضية جديدة تناسب الذوق الأوروبي، مع الحفاظ على هويتها الأمريكية الأصيلة.
لمسات الماضي تزيّن ملامح المستقبل
رغم الطابع الجريء والمستقبلي الواضح في ملامح النموذج الجديد، حرصت جنرال موتورز على ربطه بتاريخ كورفيت العريق، ليبقى الحس التراثي حاضرًا وسط هذا التجديد الشامل. يمكن رصد إشارات مباشرة إلى طرازات شهيرة من الماضي، مثل النافذة الخلفية المقسومة التي ميّزت كورفيت C2 عام 1963، والتي تعود هنا بأسلوب عصري ضمن تفاصيل التصميم الخلفي. كذلك، تعكس أقواس العجلات البارزة روح نموذج Mako Shark الأصلي، بينما تضفي الخطوط المنخفضة والانسيابية إحساسًا بالثبات والدقة على الطريق.
تُفتح أبواب السيارة بطريقة الأجنحة، ما يضفي لمسة درامية عند الدخول إلى المقصورة والخروج منها، حيث تحتضن الأخيرة مقودًا بتصميم مستوحى من عجلة القيادة في أستون مارتن فالكيري. يستلهم التصميم أجواء سيارات الهايبركار البريطانية، التي انطلقت قبل سنوات قليلة على بُعد أقل من 20 كيلومترًا من مركز جنرال موتورز الجديد، ما يعكس بوضوح تأثير البيئة الهندسية المحلية في تشكيل هذا المفهوم الثوري.
جنرال موتورز تراهن على أوروبا من بوابة التصميم
لم يكن قرار جنرال موتورز بإنشاء مركز تصميم متقدم في إنجلترا خطوة عبثية، بل يعكس طموحًا واضحًا لاختراق السوق الأوروبي عبر علامتي كاديلاك وكورفيت، وذلك بعد التخلي عن أوبل وفوكسهول لصالح مجموعة ستيلانتيس عام 2017. الهدف يبدو جليًا: تطوير تصاميم تواكب تطلعات المستهلك الأوروبي دون التفريط في الشخصية الأمريكية المتفرّدة لكورفيت. ويتولى قيادة هذا المشروع الإبداعي جوليان تومسون، الاسم اللامع في جاكوار ولوتس، وصاحب البصمة الأبرز في تصميم واحدة من أشهر السيارات الرياضية الخفيفة، Elise S1.
وبحسب تصريحات مايكل سيمكو، فقد طُلب من عدة استوديوهات حول العالم تقديم رؤى تصميمية مستوحاة من عالم الهايبركار، شريطة أن تحافظ على جوهر كورفيت الأصيل. والنتيجة تمثلت في مفاهيم جريئة ومبتكرة، تختلف في تفاصيلها، لكنها تنسجم في رؤيتها، وهو ما يجسد فلسفة التصميم المتقدم التي تعتمدها الشركة. وعلى الرغم من أن اعتماد هذا النموذج على الدفع الكهربائي لا يعني بالضرورة أن الجيل التاسع من كورفيت سيكون كهربائيًا بالكامل، إلا أن التجربة منحت المصممين حرية أوسع في توجيه الهواء أسفل الهيكل، وهو ما يصعب تحقيقه في سيارات بمحركات احتراق تقليدية.
كورفيت الجديدة لا تكتفي بتقديم لغة تصميم مختلفة، بل تصوغ رؤية تتحدى المألوف، وتضع الأساس لحقبة جديدة تنطلق من قلب أوروبا، بروح أمريكية، وهوية مستلهمة من إرث طويل من الأداء والهيبة.

كاتب كبير بمجرد ظهور أول ذكريات كان البحث عن المعرفة السيارية قد بدأ. وقد تم استكشاف مصادر معلومات مختلفة، حتى تلك المشبوهة، ومن بين هذه المصادر: ألعاب الفيديو والتلفزيون والمجلات أو حتى منتديات الإنترنت. وما زلت عالقة في ذلك الثقب النفسي.