قد يظن البعض أن بعض التصرفات داخل السيارة لا تشكل خطرًا حقيقيًا، لكنها في الواقع تخفي وراءها تهديدات جسيمة لسلامة الركاب. واحدة من أكثر هذه العادات انتشارًا، وضع القدمين على لوحة القيادة، خصوصًا أثناء الرحلات الطويلة بحثًا عن بعض الراحة. ورغم أن هذه الوضعية قد تبدو بسيطة، إلا أنها تُعد من أكثر التصرفات خطورة، وقد تكون كفيلة بتحويل لحظة استرخاء إلى إصابة خطيرة تُغيّر مجرى الحياة. في السطور التالية نستعرض التأثيرات المحتملة لهذه العادة الشائعة ونكشف العواقب الصحية التي قد تنجم عنها.
كيف تتحول الوسادة الهوائية إلى خطر مميت؟
تُعد الوسائد الهوائية في السيارات الحديثة من أبرز أنظمة السلامة المصممة لحماية الركاب عند وقوع الحوادث، حيث تنتفخ خلال جزء من الثانية بسرعة قد تصل إلى أكثر من 320 كيلومترًا في الساعة لتقلل من شدة الاصطدام. غير أن فعاليتها تعتمد كليًا على وضعية جلوس الراكب، إذ يجب أن يكون الجذع مستقيمًا والقدمان مستندتين إلى أرضية السيارة.
في حال رفع القدمين ووضعهما على لوحة القيادة، تنقلب فاعلية الوسادة الهوائية إلى عكس هدفها. فعندما تنتفخ بهذا العنف، تدفع الساقين إلى الخلف بقوة غير طبيعية، ما يؤدي إلى التواء الأطراف السفلية وانحنائها باتجاه الصدر، وهو ما يُعرض الراكب لكسور شديدة في الفخذين والساقين، وقد يمتد الضرر إلى عظام الحوض. وفي بعض الحالات، تسبب هذه الحركة العنيفة ارتطام الركبتين بالوجه أو القفص الصدري، ما قد يؤدي إلى كسور في الضلوع، وإصابات في الوجه، ونزيف داخلي يصعب علاجه.
راحة عابرة قد تجرّ وراءها معاناة طويلة
لا تقتصر خطورة هذه الوضعية على الحوادث العنيفة فحسب، بل إن التصادمات التي تقع بسرعات متوسطة قد تخلّف هي الأخرى إصابات بالغة يصعب تحملها. إذ يكون الراكب الذي يمدّ قدميه على لوحة القيادة عرضة لخلع المفاصل، وإصابات في فقرات الظهر، إضافة إلى تلف في الأعصاب قد يرافقه طيلة حياته.
وقد أظهرت تقارير طبية عديدة أن هذه الإصابات قد تؤدي في بعض الحالات إلى فقدان القدرة على الحركة أو الإصابة بالشلل، خاصة عندما تتضرر الأعصاب أو الأوعية الدموية في منطقة العمود الفقري أو الحوض. وما يزيد من فداحة هذه الإصابات هو أثرها النفسي العميق، إذ غالبًا ما تنعكس على حياة المصاب بشكل جذري، مسببة تغيرات قاسية في نمط عيشه اليومي قد لا يستطيع التأقلم معها بسهولة.
احذر وضعية الجلوس داخل السيارة
قد يبدو وضع القدمين على لوحة القيادة تصرفًا بسيطًا يمنح شعورًا مؤقتًا بالراحة، لكنه في حقيقته مخاطرة قد تكون عواقبها جسيمة. فالتواجد في السيارة، خصوصًا في المقعد الأمامي، يتطلب وعيًا دائمًا بوضعية الجلوس الصحيحة. تثبيت القدمين على الأرض وربط حزام الأمان ليسا مجرد تصرفين روتينيين، بل يمثلان فارقًا قد يحمي من إصابات خطيرة أو يساهم في إنقاذ الحياة.
فالراحة لا ينبغي أن تأتي على حساب الأمان. حتى لحظات من الإهمال في الجلوس قد تؤدي إلى إصابات لا تُمحى، وقد تغيّر حياة الراكب إلى الأبد. الوقاية تبدأ من الانتباه للتفاصيل الصغيرة، ووضعية الجلوس أحد أهم تلك التفاصيل التي لا تحتمل الاستهتار.

ياسر المنصوري لديه أكثر من 10 سنوات من الخبرة في عالم الصحافة السيارية. وهو خبير في المقالات الخبرية السيارية والتوصيفات والتقييمات للسيارات، من أحدث الموديلات إلى اتجاهات الصناعة. لقد بنى علاقات قوية مع مصنعي السيارات وخبراء الصناعة. قم بالاتصال بلياسر المنصوري على LinkedIn لتتبع كل ما هو جديد في عالم السيارات وانضم إلى رحلتنا المثيرة في استكشاف عالم السيارات.