شهدت بورشه بداية صعبة لعام 2025، بعدما كشفت عن نتائج مبيعات الربع الأول التي أظهرت تراجعًا عالميًا بنسبة 8%. لكن ما جذب الأنظار هو الانخفاض الحاد في السوق الصيني، حيث انخفض عدد السيارات المسلّمة من قبل العلامة الألمانية بأكثر من 42% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليصل إلى 9,471 وحدة فقط، في أدنى مستوى تشهده منذ سنوات. وكانت الصين حتى وقت قريب أكبر سوق منفرد لبورشه، لكنها تراجعت اليوم خلف أمريكا الشمالية وأوروبا، في مؤشر واضح على أزمة أعمق من مجرد تقلب اقتصادي.
سباق التكنولوجيا يسبق بورشه في السوق الصيني
بدأت ملامح التراجع في السوق الصيني بالظهور منذ عام 2021، حين بلغت مبيعات بورشه 95,700 سيارة، قبل أن تنخفض في 2024 إلى 56,900 سيارة، بانخفاض سنوي نسبته 28%. واستمرت هذه الوتيرة في بداية 2025، إذ سجل أول شهرين فقط من العام انخفاضًا بنسبة 41%، مع تراجع مبيعات طراز كايين بنسبة 50%، وهبوط ماكان إلى أقل من ثلث ما حققته في العام الماضي.
وفي ظل التغيرات الجذرية في تفضيلات المستهلكين الصينيين، وجدت بورشه نفسها في مأزق حقيقي. أصبحت التقنيات الذكية وأنظمة القيادة الذاتية أولوية لدى المشترين، ما أفقد سيارات بورشه التقليدية عنصر الجاذبية، خاصة أمام سيارات محلية مثل شاومي SU7 Ultra التي تُقدّم أداءً مذهلًا في الأداء بقوة 1548 حصانًا، وسعرًا منافسًا يقارب 50,000 يورو (213,060 ريال سعودي). بالمقابل، لم تعد سيارة تايكان الكهربائية من بورشه تثير الحماسة، رغم خفض سعرها بما يتجاوز 10,000 يورو (42,612 ريال سعودي)، إذ لم تحقق إلا ثُمن مبيعاتها مقارنة بعام 2023.
الإصرار على السعر المرتفع يدفع بورشه نحو أزمة في الصين
رغم اشتداد المنافسة وانخفاض أسعار السيارات الفاخرة في الصين، اختارت بورشه الالتزام بسياسة حازمة برفض خفض الأسعار للحفاظ على مكانتها الفاخرة. في حين أعلنت شركات ألمانية مثل بي إم دبليو عن تخفيضات تاريخية على طرازاتها، بقيت بورشه متمسكة بهذا النهج، رغم تقليص شبكة موزعيها في الصين إلى 100 معرض وتسريح قرابة 3,900 موظف.
وبحسب تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة بورشه، فإن "المبيعات ليست الهدف، بل القيمة أولاً". إلا أن هذا التوجه يبدو متناقضًا في ظل خسارة السوق الصينية، التي كانت الوحيدة على مستوى العالم التي سجلت انخفاضًا في المبيعات خلال 2024، ما أدى إلى تراجع أرباح الشركة بنسبة 30.3% لتصل إلى 3.6 مليار يورو (15,3 مليار ريال سعودي)، على الرغم من أن الإيرادات الإجمالية سجلت انخفاضًا طفيفًا فقط بنسبة 1.1%، لتبلغ حوالي 40 مليار يورو (170 مليار ريال سعودي).
ولمواجهة الأزمة، أعلنت بورشه في 2025 عن تخصيص استثمارات إضافية بقيمة 800 مليون يورو (3,4 مليار ريال سعودي) لتسريع تطوير البرمجيات وتحديث تقنيات البطاريات، مع البدء بالتعاون مع موردين صينيين في مجال القيادة الذاتية. وقد تشكل هذه الخطوة بداية لتصحيح المسار، لكنها تأتي في وقت تواجه فيه بورشه تحولات جذرية في السوق الصينية، حيث تفرض السيارات الذكية المحلية واقعًا جديدًا قد يعيد تشكيل ملامح مستقبل العلامة الألمانية في آسيا.
4 ورقة

ياسر المنصوري لديه أكثر من 10 سنوات من الخبرة في عالم الصحافة السيارية. وهو خبير في المقالات الخبرية السيارية والتوصيفات والتقييمات للسيارات، من أحدث الموديلات إلى اتجاهات الصناعة. لقد بنى علاقات قوية مع مصنعي السيارات وخبراء الصناعة. قم بالاتصال بلياسر المنصوري على LinkedIn لتتبع كل ما هو جديد في عالم السيارات وانضم إلى رحلتنا المثيرة في استكشاف عالم السيارات.