أعلنت كل من هوندا ونيسان وميتسوبيشي رسميًا انتهاء محادثات الاندماج بين الشركات الثلاث. ووفقًا للتقارير، فقد فشلت الخطة التي كانت تبدو واعدة في البداية، وذلك بسبب رفض نيسان أن تصبح شركة تابعة لهوندا، إضافة إلى عدم قدرتها على تقديم خطة لتحقيق الأرباح على المدى القصير.
وأكدت كل من هوندا ونيسان في بيانات صحفية رسمية انتهاء المفاوضات، مشيرةً إلى صحة التقارير السابقة التي أفادت بأن هوندا كانت تسعى إلى جعل نيسان شركة تابعة لها.
في البداية، اقترحت هوندا إنشاء شركة قابضة مشتركة من خلال نقل الأسهم، لكن خلال المفاوضات، تطور هذا المقترح إلى خطة تجعل هوندا الشركة الأم، مع تحويل نيسان إلى شركة تابعة عبر مبادلة الأسهم. وقد كان هذا أحد السيناريوهات العديدة التي تمت مناقشتها.
بالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء مذكرة تفاهم (MOU) كان من المقرر توقيعها في 23 ديسمبر بين هوندا ونيسان وميتسوبيشي، والتي كانت تهدف إلى بحث إمكانية انضمام ميتسوبيشي إلى الاندماج بين هوندا ونيسان. ومع ذلك، تظل الشركات الثلاث ملتزمة بالتعاون في مجالات مثل الكهربة والتقنيات الجديدة للطاقة.
وخلال المحادثات، كشفت التقارير الإعلامية عن وجود خلافات داخلية. فإلى جانب سعي هوندا لجعل نيسان شركة تابعة لها، أشارت التقارير إلى أن هوندا رفضت تدخل شركة رينو في الصفقة، وطالبت نيسان بإعادة شراء الأسهم التي تمتلكها الشركة الفرنسية. أما ميتسوبيشي، فقد قررت في النهاية الانسحاب من المفاوضات، مفضّلة الحفاظ على استقلالها التشغيلي.
وأدى فشل الاندماج إلى تعميق الأزمة التي تعاني منها نيسان، والتي لا تزال واحدة من أكثر شركات السيارات التقليدية تضررًا، حيث لم تتعافَ بالكامل من الأزمة المالية والاضطرابات الإدارية التي بدأت باعتقال وإقالة رئيسها السابق كارلوس غصن في 2018.
وبعد الإعلان عن فشل الاندماج وإعادة الهيكلة، خفّضت نيسان توقعاتها السنوية للأرباح للمرة الثالثة في 13 فبراير، وسجلت انخفاضًا حادًا آخر في أرباحها الفصلية. كما خفّضت الشركة توقعاتها للأرباح التشغيلية للسنة المالية الحالية بنسبة 20% إلى 120 مليار ين، بعد أن شهدت انخفاضًا بنسبة 78% في أرباح التشغيل خلال الربع الثالث.
وردًا على ذلك، أعلنت نيسان عن خطة جديدة لخفض التكاليف، تستهدف توفير حوالي 400 مليار ين (2.6 مليار دولار) بحلول السنة المالية 2026. وتشمل الإجراءات خفض تكاليف العمالة وإعادة هيكلة عمليات التصنيع.
كما تخطط الشركة لإغلاق المزيد من المصانع، حيث تشير التقارير إلى أنها ستغلق مصنعها في تايلاند بحلول يونيو، يليه إغلاق مصنعين آخرين لم يتم الكشف عن مواقعهما بعد. وكانت نيسان قد أعلنت سابقًا أنها ستسرّح 9,000 موظف وتخفض قدرتها الإنتاجية العالمية بنسبة 20%.
ومن المتوقع أيضًا أن تقلّص نيسان عملياتها في الصين، حيث تدير ثمانية مصانع هناك عبر شراكة مع شركة دونغفنغ. وقد أوقفت الشركة بالفعل الإنتاج في مصنعها بمدينة تشانغتشو بمقاطعة جيانغسو.
إلى جانب إعادة الهيكلة التشغيلية، تخطط نيسان لإجراء تغييرات كبيرة في إدارتها التنفيذية. اعتبارًا من السنة المالية المقبلة (أبريل)، ستلغي نظام الإدارة التنفيذية وتقلّص عدد المناصب التنفيذية بنسبة 20%. كما أن الشركة أصبحت منفتحة على شراكات جديدة، بما في ذلك احتمال التعاون مع شركة فوكسكون التايوانية. وأكد رئيس فوكسكون، ليو يانغوي، أن الشركة تدرس الاستثمار في نيسان، لكن الهدف الأساسي هو التعاون وليس الاستحواذ.
وفي سوق الأسهم، أصبحت القيمة السوقية لنيسان الآن تعادل خُمس قيمة هوندا فقط، حيث تبلغ قيمة هوندا السوقية نحو 7.5 تريليون ين (48.6 مليار دولار). قبل عشر سنوات، كانت القيمتان السوقيتان للشركتين متقاربتين عند حوالي 4.6 تريليون ين لكل منهما. وبعد انتشار أخبار الاندماج في 17 ديسمبر، قفزت أسهم نيسان بأكثر من 60% في أواخر ديسمبر، بينما ارتفعت أسهم هوندا بنحو 26%. لكن منذ ذلك الحين، تراجعت هذه المكاسب إلى 21% و11% على التوالي.
يمثل فشل محادثات الاندماج نقطة تحول مهمة في صناعة السيارات اليابانية. ورغم توقف موجة الاندماجات مؤقتًا، لا تزال الشركات الثلاث حريصة على التعاون في مجالات متقدمة مثل الكهربة والتقنيات الذكية. وفي المستقبل، ستظل كيفية تحقيق التوازن بين التشغيل المستقل والشراكات الاستراتيجية محور الاهتمام داخل الصناعة وخارجها.

عادريان هو محرر. خريج في علم النفس بغضون أكثر من 4 سنوات في الصناعة السيارية، و 3 سنوات أمام الكاميرا. يظهر من حين لآخر في متجر الإطارات الذي يملكه عائلته. لن يشتري سياراتًا إلا تلك التي تمر اختبار الزجاجة الكبيرة.