أزمة نيتا موتور تهز ثقة مشتري السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط

تُعد شركة نيتا موتور الصينية واحدة من أبرز الأسماء الصاعدة في قطاع السيارات الكهربائية، لكنها تواجه حاليًا أزمة عميقة تهدد وجودها في السوق، خاصة في منطقة الخليج التي مثّلت ركيزة أساسية في خطط توسعها الإقليمي. فعلى الرغم من التوقعات الواعدة بعد توقيع اتفاقيات استراتيجية في الإمارات، تشهد الشركة انهيارًا حادًا بعد توقف مصانعها وتراجع مبيعاتها بشكل كامل، وانسحاب كبار المسؤولين التنفيذيين، وهو ما أثار القلق لدى المشترين في السعودية والإمارات.

نيتا موتور: من القمة إلى أزمة خانقة

تأسست شركة نيتا موتور في عام 2014 كشركة تابعة لشركة هيزون للطاقة الجديدة، وتمكنت بفضل استراتيجيتها القائمة على السعر التنافسي والتقنيات الحديثة من تحقيق انتشار واسع في السوق الصيني، مدعومة بطرازات مثل نيتا V ونيتا U. وفي عام 2022، سجلت الشركة مبيعات تجاوزت 152 ألف وحدة، لتتصدّر مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة في الصين، وبلغت حينها قيمتها السوقية نحو 250 مليار يوان (127 مليار ريال سعودي).

لكن مع بداية عام 2024، بدأت نيتا تفقد بريقها، إذ تراجعت مبيعاتها إلى 64,500 وحدة فقط، بينما تجاوزت خسائرها خلال ثلاث سنوات حاجز 18 مليار يوان (9 مليارات ريال سعودي). ولم تفلح محاولات إعادة الهيكلة المتأخرة وخطط التحول الذكي في إنقاذ الوضع، لتدخل الشركة في سلسلة من الأزمات شملت تعليق الرواتب، وانهيار خدمات ما بعد البيع، وانسحاب عدد من الموردين والشركاء التجاريين، إضافة إلى موجة من الاحتجاجات من وكلاء التوزيع والموردين المحليين.

توسع متعثر في الخليج ومخاوف من انهيار الدعم

وسط هذه الأزمات، سعت نيتا موتور لتعزيز وجودها في منطقة الخليج. ففي أكتوبر 2024، أعلنت توقيع شراكة استراتيجية مع شركة EIH أوتوموتيف آند تريدينغ في الإمارات، لتكون الوكيل الحصري لعلامة نيتا الصينية، مع خطة لتقديم طرازات مثل نيتا X ونيتا GT ونيتا S ونيتا U-II ونيتا AYA، بسعر يبدأ من 126,800 يوان صيني (64,753 ريال سعودي).

كما أعلنت عن خطتها لإنشاء مركز أبحاث ومصنع تجميع داخل منطقة سافي SAVI في أبوظبي، ضمن مشروع مدعوم من الجهات الحكومية في الإمارة، ويهدف إلى تعزيز صناعة السيارات الذكية وتطوير تقنيات القيادة الذاتية في المنطقة. ومع ذلك، بحلول مارس 2025، لم تتمكن الشركة من تسليم أكثر من 110 سيارات في السوق الصينية، في وقت توقفت فيه العديد من مراكز الخدمة عن العمل، ما تسبب في شلل شبه كامل لعمليات الصيانة وتوفير قطع الغيار، إضافة إلى تعطل الدعم التقني المرتبط بأنظمة القيادة الذكية.

المخاطر التي تواجه ملاك سيارات نيتا في الخليج

في ظل الأزمة التي تمر بها نيتا موتور، يشعر مالكو سياراتها في السعودية والإمارات بقلق متزايد وحالة من عدم اليقين. فقد تعطلت بعض السيارات بسبب تلف مكونات أساسية، دون توفر بدائل أو وجود مراكز صيانة تقدم الدعم اللازم، بالتزامن مع إغلاق عدد من صالات العرض وتوقف خدمات ما بعد البيع في الأسواق الرئيسية.

ويزداد الوضع تعقيدًا مع انقطاع توريد قطع الغيار، ما يعرّض المالكين لخطر تعطل السيارة أو محدودية استخدامها. كما قد تنخفض القيمة السوقية للسيارات بشكل حاد في حال استمرار الأزمة، ما يُثقل كاهل أصحابها بأعباء مالية غير متوقعة.

كيف يختار المشترون سيارات كهربائية موثوقة؟

لتفادي مثل هذه التجارب السلبية، يُنصح المشترون في الخليج باختيار علامات تجارية تملك وكلاء رسميين يقدمون خدمات ما بعد البيع باحترافية وموثوقية. ويُفضل التركيز على علامات تجارية ذات حضور عالمي مثبت وتتمتع باستقرار مالي واضح، مثل بي واي دي وإم جي، مع ضرورة الاطلاع على أدائها الفعلي في السوق الصيني، ومراجعة قدرتها الإنتاجية وثبات إدارتها العليا.

مع ذلك، ورغم محاولات نيتا الأخيرة لجذب التمويل وتأجيل جولات الاستثمار، تظل الأزمة الحالية جرس إنذار لكل من يفكر في دخول عالم السيارات الكهربائية، ما يجعل الثقة والاستقرار المؤسسي أولوية لا غنى عنها عند اتخاذ قرار الشراء، وليس فقط التصميم الجذاب أو المواصفات التقنية.