في عالم السيارات الذي يتسارع نحو التحول الرقمي والابتكار، تبرز موجة جديدة من التفكير التصميمي تُسلط الضوء على أهمية البساطة وسهولة الاستخدام. وبينما تميل معظم الشركات إلى الاعتماد الكامل على الشاشات اللمسية، تُعيد هيونداي النظر في هذا التوجه، مؤكدة أن الأزرار التقليدية ما زالت تؤدي دورًا مهمًا في تعزيز سلامة السائق وتحسين تجربة القيادة اليومية. تعكس هذه الخطوة من الصانعة الكورية إدراكًا متزايدًا في القطاع بأن التكنولوجيا لا ينبغي أن تأتي على حساب الراحة والتركيز.
الأزرار تثبت تفوقها في مواقف القيادة الحاسمة
لماذا تعود الأزرار إلى الواجهة؟ لأنها ببساطة تقدم مزايا عملية تتفوق على الشاشات اللمسية في مواقف متعددة. فعلى عكس الشاشات التي تتطلب تركيزًا بصريًا لتحديد الوظيفة المطلوبة، تتيح الأزرار الفعلية للسائق تنفيذ الأوامر عبر اللمس فقط، دون الحاجة إلى النظر. هذه الميزة تمنح السائق أفضلية واضحة خلال لحظات القيادة الحرجة، حيث قد يشكّل اتخاذ قرار سريع فارقًا كبيرًا في السلامة.
وتلعب ذاكرة العضلات دورًا أساسيًا في هذه المعادلة، إذ يمكن للسائق حفظ مواقع الأزرار المستخدمة باستمرار، مثل ضبط المناخ أو التحكم بمستوى الصوت، وهو ما لا تتيحه الشاشات المتغيرة الواجهة. أما من حيث المتانة، فتُظهر الأزرار موثوقية أكبر، فهي تعمل بشكل طبيعي حتى أثناء إعادة تشغيل النظام، ولا تتأثر بأعطال البرمجيات أو تأخر الاستجابة. وبالنسبة للسائقين الأكبر سنًا، الذين قد يواجهون صعوبات في الرؤية أو الحركة، تُعد الأزرار وسيلة أكثر سهولة ووضوحًا مقارنة بالواجهات الرقمية المعقدة.
كيف تجمع هيونداي بين الأناقة والوظيفة داخل السيارة؟
رغم تبنيها للتقنيات الحديثة في طرازاتها مثل إيونيك 5 وإيونيك 6، حيث تأتي المقصورة بتصميم أنيق وشاشات كبيرة، لم تغفل هيونداي أهمية الضوابط الفيزيائية. فقد حافظت على وجود أزرار فعلية للتحكم بالتكييف ومستوى الصوت، ما يعكس فلسفة تصميم تضع راحة المستخدم في صميم التجربة.
هذا التوجه يخاطب شريحة أوسع من العملاء، سواء من عشاق التكنولوجيا المتقدمة أو من يفضلون البساطة والوضوح، ويعزز صورة هيونداي كشركة تنظر إلى ما هو أبعد من المظهر الخارجي. وبينما يربط البعض بين الشاشات والفخامة، تثبت هيونداي أن الأمان وسهولة الاستخدام لهما الأولوية في تصميم المقصورة.
التصميم العملي يفرض نفسه على صانعات السيارات الكبرى
بدأت كبرى شركات السيارات تعيد النظر في الاعتماد الكامل على الشاشات، بعد أن أدركت أهمية الضوابط الفعلية. فقد أطلقت تويوتا ولكزس مؤخرًا طرازات جديدة تمنح الأزرار التقليدية دورًا أكبر، استجابة لمخاوف تتعلق بسلامة السائق. أما بي إم دبليو، فقد طورت نظام iDrive ليشمل عناصر تحكم ملموسة مثل أزرار الاختصارات وأجهزة التدوير، إلى جانب الشاشة الرقمية. وسارت فورد على النهج ذاته في سيارتها الكهربائية موستنج Mach-E، حيث احتفظت بأزرار تقليدية للوظائف الأساسية رغم هيمنة الشاشة المركزية.
تعكس هذه الخطوات وعيًا متزايدًا لدى الصانعين بأن التصميم المتطور لا يقتصر على الإبهار البصري، بل يشمل أيضًا راحة السائق وسهولة استخدام المقصورة. ومع تطور تقنيات القيادة الذاتية، تزداد الحاجة إلى واجهات تشغيل تمنح تحكمًا فوريًا وخاليًا من التعقيد في جميع الظروف.

عادريان هو محرر. خريج في علم النفس بغضون أكثر من 4 سنوات في الصناعة السيارية، و 3 سنوات أمام الكاميرا. يظهر من حين لآخر في متجر الإطارات الذي يملكه عائلته. لن يشتري سياراتًا إلا تلك التي تمر اختبار الزجاجة الكبيرة.