القيادة الذاتية: تقنية تفوقت فيها السيارات الصينية الكهربائية على معظم المصنعين

بينما يتخبط صانعي السيارات الكبار في أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، واليابان، وغيرها، في الانتقال السريع إلى استخدام السيارات الكهربائية، يتقدم صانعي السيارات الصينية الكهربائية بسرعة خارقة في الأسواق، فيكتشفون اختراعاً تلو الآخر، ويبتكرون تقنيات تجعلك تدرك عظمة العقل البشري وقدراته المخيفة.

وربما ليست السيارات الصينية أولى السيارات التي تأتي بتقنية القيادة الذاتية، ولكن الحكومة الصينية هي من أكثر الحكومات "جرأة"، إذا صح القول، في دعم مصنعيها من ناحية الاستثمار في التقنيات الجديدة، والتعاون مع عمالقة التكنولوجيا في سبيل إدهاش العالم والسيطرة على الأسواق العالمية.

الذكاء الاصطناعي مفتاح القيادة الذاتية

ألم تتساءل يوماً كيف سرقت السيارات الكهربائية الصينية الأضواء من المصنعين الآخرين العالميين؟ ولمَ هذه الضجة التي سببتها وكيف سرقت الأضواء؟ فبالتأكيد، لا بد من أن الشركات الأوروبية، أو الأميركية، أو اليابانية فكرت في الاستثمار بتقنيات مثل القيادة الذاتية مثلاً، ولكن لا تراها تدخل إلى عقول الناس كما تتغلغل السيارات الصينية عندما تبهر الناس بما تقدمه.

فقد انتشرت فيديوهات كثيرة للسيارات الصينية التي تبدو وكأنها قادمة من المستقبل، تقود ذاتها بذاتها، وتركن ذاتها بسهولة في المرائب، او تقود ذاتها على الطرقات.

بالتأكيد، تحتاج تقنية القيادة الذاتية إلى استثمار كبير، فترى الشركات الصينية تستثمر بشكل كبير في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لأن القيادة الذاتية تعتمد عليه بشكل كبير، لأنه يساهم في جعل السيارات الذاتية القيادة أكثر موثوقيةً في قراراتها.

إذ يسعى "التعلم العميق"، أو “Deep Learning”، لإيجاد طرق تفسح المجال للآلة أن تتعلم بنفسها عن طريق محاكاة الخلايا العصبية الإنسانية، وهو علم من علوم الذكاء الاصطناعي. ومن بين الشركات التي تعتمد عليه، شركتا BYD وXpeng، اللتان تسعيان لتمكين سياراتهما من القيادة الذاتية عبر معالجة كميات كبيرة من بيانات القيادة، بشكل أسرع بكثير من الأنظمة التقليدية، ما يسهل على المصنعين الوصول السهل للبيانات والنظام البيئي الرقمي.

البيانات والحوسبة السحابية سر من اسرار نجاحها

تتعاون شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل Alibaba وTencentو Baidu، مع شركات السيارات لتزويدها بالبيانات والحوسبة السحابية. واستخدام هذا الكم الهائل من البيانات، التي تتضمن الخرائط، وأنماط المرور، يمنح المركبات ذاتية القيادة ميزة الدقة واتخاذ قرارات مستقلة ودقيقة في مختلف البيئات.

فتستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء القيادة الذاتية، فتخول سياراتها من اتخاذ القرارات عبر الاعتماد على المعلومات التي تجمعها من خلال الحساسات، والرادارات، والكاميرات، وغيرها... وبذلك ترى السيارات الصينية تسبق السيارات الكهربائية الأخرى حول العالم في هذه التقنية. فبينما تجد بعض الفيديوهات التي تفضح بعض السيارات الكهربائية وتثبت فشل تقنية القيادة الذاتية فيها، في المقابل تجد الناس تشاهد السيارات الصينية عبر الشاشات بانبهار حول أدائها الرائع في قيادة ذاتها.

دعم الحكومة الصينية لمصنعيها

لأن هذه التقنية، كما ذكرنا تحتاج إلى استثمارات هائلة، وبينما يزال مصنعو السيارات يعانون في الانتقال إلى السيارات الكهربائية، ما زالوا يعملون على تطويرها، بل ما زالوا غير قادرين عن تقديم سيارات جاهزة بالكامل للقيادة الذاتية على الطرقات، بسبب تحديات صعبة على صعيد القوانين، والسلامة، والأنظمة.

وبينما تجد الدول الأخرى أكثر صرامةً من ناحية السلامة والأنظمة المتعلقة بالمركبات ذاتية القيادة، ما يسبب صعوبة أيضاً لهؤلاء المصنعين، ويبطئ تطورهم م في هذا المجال، تجد الحكومة الصينية داعمةً لمصنعيها، حتى من ناحية الأنظمة والقوانين، وحتى أنها قامت ببناء شبكة واسعة من الطرق الذكية والبنية التحتية التي تساعد المركبات ذاتية القيادة على العمل بشكل أكثر فعالية. على سبيل المثال، تتيح الطرق السريعة المجهزة بأنظمة الاتصالات تفاعلاً أفضل بين المركبات وبيئتها، مما يحسن أداء القيادة الذاتية.

لطالما كان الحصول على ميزة فاخرة، أو تقنية متطورة مكلفاً في السيارات، سواء الأوروبية أو غيرها، فتتوفر هذه التقنيات في السيارات الباهظة فقط. إلا أن الصين جعلت الرفاهية والميزات المتطورة متاحةً لمعظم الناس، ما جعلها محبوبةً بشدة. فهي بذلك جعلت التطور بمتناول الجميع، وليس فقط في يد فئة معينة من الناس. ويقتصر الأمر على القيادة الذاتية، التي تعدّ ميزة باهظة بشدة في سيارات أخرى، ولكنها أقل كلفةً في السيارات الصينية الكهربائية، فجعلت القيادة أسهل في المدن وعلى الطرقات السريعة.