إجراءات صارمة في الصين لضبط تقنيات القيادة الذكية

أطلقت السلطات الصينية تشريعات وتشديدات صارمة لضبط نشر وتسويق أنظمة المساعدة على القيادة بعد تزايد مخاطر سوء استخدامها. وجاء ذلك عقب اجتماع مغلق عقدته وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في 16 أبريل 2025 بحضور نحو ستين ممثلاً عن كبرى شركات السيارات بهدف الحد من الممارسات التسويقية المبالغ فيها وتقييد التحديثات البرمجية إلى حين إتمام التحقق والتقييم.

تشديد التنظيم الحكومي على تقنيات القيادة الذكية

دعت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الشركات إلى الامتناع عن استخدام مصطلحات مثل القيادة الذاتية والذكية والمتقدمة، وطلبت اعتماد تسمية القيادة المساعدة المجمعة عوضاً عنها لتفادي التضليل. كما وضعت الوزارة قواعد لعمليات التحديث عبر الشبكة بحيث لا تنطلق إلا بعد اجتياز اختبارات صارمة، وأوضحت أن أي تحديث طارئ يجب التعامل معه كاستدعاء للسيارات أو تعليق الإنتاج حتى معالجة العيوب.

أكدت الوزارة في بيان مقتضب أن الشركات ملزمة بتوضيح نطاق عمل النظام وإجراءات السلامة المتبعة، والالتزام بإبلاغ العملاء بكل تغيير أو إضافة، مع تحمل المسؤولية الكاملة عن جودة المنتجات ومواءمتها مع معايير السلامة.

ضرورة إحكام الضوابط لحماية السلامة وتعزيز الوعي

برزت أهمية هذه الإجراءات بعد حادثة مأساوية وقعت في 29 مارس 2025، حين انقلبت سيارة شاومي SU7 على طريق سريع في مقاطعة آنهوي واشتعلت فيها النيران مخلفة ثلاث حالات وفاة، وذلك أثناء تفعيل نظام المساعدة على القيادة الذي تعطّل قبل ثوانٍ من الاصطدام. وشدّد فو بينغفنغ، نائب أمين عام جمعية مصنعي السيارات الصينية، على ضرورة مصاحبة انتشار هذه التقنيات بحملات توعية للمستخدمين واقتراح برامج توجيهية موجهة للمشترين الجدد وكبار السن.

أشار تشانغ جينهوا، رئيس جمعية مهندسي السيارات في الصين، إلى الخلط المتكرر بين نظام المساعدة والقيادة الذاتية، ما دفع بعض السائقين للاعتماد المفرط على الأتمتة وترك مقود السيارة، الأمر الذي تسبب في حوادث متعددة وأثار قلق المجتمع. وذكر خبراء من مؤسسات مثل جي دي باور وماكينزي أن تجربة القيادة الذكية ساهمت بنسبة 14% ضمن عوامل قرار الشراء، وأن أكثر من ثلاثة أرباع المستخدمين يطالبون بميزات مثل التوجيه الآلي على الطرق السريعة والموقف الذكي، وهو ما يبرز ارتفاع الإقبال رغم تفاوت مستوى الوعي.

انعكاسات التنظيم على المستهلكين وصناعة السيارات

يشير الإطار التنظيمي الجديد إلى تحول تنافسي نحو الذكاء الاصطناعي في السيارات بعد صدور إعلان إدارة المنتجات واستدعائها وترقيتها عبر الشبكة في الأول من مارس، الذي أكد ثلاث ركائز رئيسية: تجهيز الشركات بنظام إدارة سلامة شامل يتضمن تحديد حدود النظام وآليات الاستجابة؛ اشتراط تسجيل المعايير التقنية للأداء وتحديثات OTA لدى الجهات المختصة؛ وتطبيق آلية مزدوجة للاستدعاء تضمن تتبع العيوب وإدارتها بفعالية.

وترجح تقديرات اتحاد السيارات الكهربائية أن ترتفع حصة السيارات المزوّدة بأنظمة المساعدة المتقدمة من 55.7% في 2024 إلى نحو 65% بحلول 2025. غير أن تطبيق المعايير الصارمة سيفرض على الشركات أعباء إضافية في البحوث والتطوير والاختبار ما يثقل كاهل المصنعين الصغار ويدفعهم إلى الانسحاب أو الاندماج. يرى باحثون في مؤسسة بانغو للدراسات أن تعزيز مراجعة المنتجات وترسيخ معايير موحّدة سيرفع ثقة المستهلكين ويقلل الحوادث الناتجة عن خلل البرمجيات أو سوء الاستخدام.

وقد سبق لشركات مثل هافال ولاندتو أن أكدت خلال إطلاق طرازاتها الأخيرة التزامها بالحفاظ على دور السائق الرئيسي مع تقديم أنظمة مساعدة تكميلية. وأشار مسؤولو بعض العلامات إلى أن التعريف الدقيق بمستويات الأتمتة يجب أن يصاحبه توضيح حدود تشغيل هذه الأنظمة وتحديد مسؤوليات الشركة والمستخدم، حتى لا يقود التنافس الحاد إلى سباق تسويقي يتجاوز قدرات التكنولوجيا الفعلية.